«سليم حسن» شخصية معرض القاهرة للكتاب.. موسوعي فذ ومكتشف الآثار

المرصد العربي – وكالات

يعد اختيار اللجنة الاستشارية العليا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الخامسة والخمسين، عالم المصريات، الدكتور سليم حسن، ليكون شخصية المعرض هذا العام، تأكيدا على الهوية المصرية، وتكريما لكل الأثريين، فقد ترك هذا العالم الفذ إرثا عظيما ورسخ أهمية الحفاظ على هويتنا وتراثنا.

علم الآثار المصرية

والأستاذ الدكتور سليم حسن هو من أوائل المصريين الذين أسسوا علم الآثار المصرية في اللغة العربية، بل هو الثاني في الترتيب بين ثلاثة من العلماء المصريين الأفذاذ وهم: الرائد الأول أحمد كمال باشا، وسليم حسن، وعالم الآثار الشامخ سامي جبرة، ولهم باع في العمل الكشفي، حيث اكتشفوا آثار رائعة وأثروا علم الآركيولوجي – علم الآثار، وعلم الأنثروبولوجي – علم دراسة حضارة الإنسان، بما كتبوه وصنفوه وسجلوه تسجيلا علميا عن تلك الآثار التي اكتشفوها، وعن الآثار الأخرى التي لم تكن لها تسجيلات علمية، وأيضا بما ألفوه من بحوث علمية تتناول تاريخ مصر القديمة من كافة النواحي السياسية والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والدينية.

فنحن أمام شخصية عبقرية مصرية فذة تتميز بالوطنية الصادقة والشجاعة النادرة والمقدرة الفائقة على العمل، والبحث، والدراسة على مدى 68 سنة وهي العمر الذي عاشه في خدمة العلم والتاريخ والآثار، فقد ولد في 8 أبريل 1893 م في قرية ميت ناجي التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، وتوفي في 29 سبتمبر 1961 م، وبلغت أعماله حوالي 50 عملا ما بين مقالات وبحوث علمية وكتب.

مكتشف الآثار

وكان أول مصري يتعين في منصب وكيل مصلحة الآثار بالمتحف المصري، ومنذ عام 1929 بدأ سليم حسن كأول عالم آثار مصري ينقب عن الآثار باسم جامعة القاهرة التي كانت أول جهة مصرية تقوم بأعمال التنقيب التي كانت حكرا على الأجانب.

اكتشف سليم حسن آثار مهمة لمقابر ومصاطب في منطقة الجيزة وسقارة وكان أول من أزال الرمال من حول أبو الهول وكشف عن معبده.
ونشر سليم حسن أكثر من 53 كتابا ومقالا عن علم المصريات باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من التقارير والترجمات.

وبهذا يرجع الفضل للدكتور سليم حسن في انتقال التنقيب عن الآثار المصرية من أيدي الأجانب إلى أيدي المصريين.

شخصية معرض القاهرة للكتاب

وللتأكيد على هذا الطرح، قال مدير مركز دراسات الخطوط بمكتبة الإسكندرية الدكتور أحمد منصور، إن اختيار عالم المصريات الدكتور سليم حسن كشخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الخامسة والخمسين، يعد اختيارا موفقا حيث تحتفي الدولة برموزها في المجالات المختلفة، فهو أحد أعلام الآثار على مستوى مصر، والمستوى الدولي، ويمثل اختياره اعترافا بجهوده، وتكريما من الدولة المصرية له من أجل تعريف الأجيال بالرواد في علم الآثار المصرية. 

وأضاف الدكتور أحمد منصور، أن عالم المصريات سليم حسن هو تلميذ أحمد كمال باشا الذي هو أول عالم مصري في علم الآثار المصرية ، ويتمتع بدور كبير في تدريس الآثار المصرية في مدرسة المعلمين العليا ثم في جامعة القاهرة وكان من أوائل تلامذته الدكتور سليم حسن، وسامي جبرة، ومحمود حمزة.

وأشار إلى أن موسوعة “مصر القديمة” لسليم حسن جاءت في 20 جزءا وتشمل كل ما يخص الحضارة المصرية القديمة من تاريخ وآثار وديانة وفنون وغيره.

أهم علماء المصريات

وحول السمات التي لمسها في شخصية الدكتور العالم سليم حسن الذي جمع بين الاكتشافات الأثرية المهمة والتأليف والترجمة ليصبح واحدا من أهم علماء المصريات القلائل في مجاله، قال الدكتور أحمد منصور” إن من أهم السمات التي تميز بها رواد علم الآثار المصرية هي الموسوعية فقد كان سليم حسن يتقن علم اللغة المصرية القديمة بخطوطها المختلفة، بالإضافة إلى إجراء الحفائر الأثرية، وإصراره على استكمال دراسته.

كما أنه يتمتع بالوطنية، فهو عندما سافر إلى فرنسا وإنجلترا لاستكمال دراسته وجد المتاحف الأوروبية زاخرة بالآثار المصرية فشعر بالغيرة لأنها منتشرة في جميع المتاحف الأوروبية في حين أن مصر وقتها لا تضم مثل هذه المتاحف وعند رجوعه سعى إلى افتتاح العديد من المتاحف واكتشاف المزيد من الآثار”. 

من جهته، أكد الدكتور شريف شعبان خبير الآثار المصرية ومحاضر تاريخ الفنون بكلية الآثار جامعة القاهرة، والأثري بالإدارة المركزية للمعلومات بوزارة السياحة والآثار، أن اختيار عالم المصريات الكبير الدكتور سليم حسن كشخصية العام لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55، هو الاختيار الأمثل خاصة مع توجه المعرض لإحياء هويتنا ، والتأكيد على الروح الوطنية المصرية.

وأضاف الدكتور شريف شعبان، في تصريحات خاصة، أن رحلة الدكتور سليم حسن العلمية، والأكاديمية هي رحلة نضال علمي وسياسي وفكري، فقد قاوم سيطرة الأجانب على الحقل الأثري، منذ أواخر القرن 19 والنصف الأول من القرن العشرين، كما كان له دور فعال ومؤثر في عمليات استرداد الآثار المصرية بالخارج وعودتها إلى وطنها الأم مصر.

وحول سمات شخصية الدكتور العالم سليم حسن، قال خبير الآثار المصرية” إن الدكتور سليم حسن كان يعشق الآثار المصرية، أصر على استكمال دراسته من خلال بعثة إلى فرنسا حصل من خلالها على عدة دبلومات في اللغات الشرقية واللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية)، والآثار، الديانة المصرية القديمة، منها من جامعة السوربون، ومع عودته إلى مصر تم تعيينه كعضو هيئة تدريس بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليا) ولم يكتف بهذا المنصب، فآثر العمل في بعثة الجامعة الأثرية؛ ليكون أول مصري يشارك في بعثة استكشافية أثرية تابعة لجامعة مصرية.

كما حصل على منصب وكيل مصلحة الآثار المصرية وهو أيضا أول مصري يتقلد هذا المنصب وسط سيطرة الأجانب على المصلحة، وهو ما يوضح الشخصية المثابرة والطموحة للدكتور سليم حسن، وقد تعلمت منه الكثير”.

وبشأن حاجتنا الشديدة إلى الاهتمام أكثر بعلم المصريات والتزود بالمعرفة التاريخية لجذور الحضارة المصرية بين شبابنا والجيل الحالي، قال “نحن الدولة الوحيدة في العالم التي خصص مجال علمي باسمها “علم المصريات”، لذلك أجد أنه هناك ضرورة ملحة للاهتمام بنشر علم الآثار المصرية والمصريات سواء على مستوى الثقافة العامة أو الإعلام أو المناهج الدراسية من أجل رفع قيمة الانتماء وإحياء الهوية المصرية لدى الشباب والنشء، ليعرفوا أهمية وعظمة تاريخ وآثار بلادهم العريقة والتي لا يضاهيها حضارة في التاريخ.

بدوره، قال أستاذ الآثار الإسلامية ووكيل كلية الآثار جامعة عين شمس الأستاذ الدكتور أحمد الشوكي، في تصريحات خاصة، إن الدكتور سليم حسن يعد واحدا من أوائل المتخصصين في مجال علم المصريات وهو عالم موسوعي، مجتهد في مجاله، وساعدنا على فهم تاريخنا وحضارتنا المصرية القديمة، وله مؤلف مهم جدا وهو موسوعة مصر القديمة وهي التي تأثرت بها جدا وأنا طالب في الثانوية العامة فقد قرأتها في مكتبة مدرستي في الإسكندرية وهذا حببني في الانتساب لكلية الآثار.

من جهة أخرى، أشار الدكتور أحمد الشوكي إلى الدليل المصور المخصص للأطفال الذي أعده وهو بعنوان “علاء الدين والقميص السحرى” وصدر عام 2017 ، وهو مبني على قصة خيالية عن شخصية طفل يدعى علاء الدين يتجول في قاعات متحف الفن الإسلامي ويقابل الشخصيات التاريخية ومنهم ابن سينا والإمام الشافعي ومريم الحلبية وزرياب وغيرهم من المبدعين والعلماء الكبار في الحضارة الإسلامية ليتعلم منهم أهمية العلم، مشيرا إلى أنه يفكر في إعادة طباعة هذا الدليل مرة أخرى، لأنه يتضمن الكثير من القيم التي نحث الأطفال على اتباعها.

من جهته، أكد عالم الآثار المصرية ومدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية الروائي الكاتب الدكتور حسين عبد البصير، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أهمية علم المصريات في ترسيخ الهوية المصرية، مشيرا إلى الاحتفاء بعالم المصريات الدكتور سليم حسن، ليكون شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الخامسة والخمسين، قائلا ” إنه شخصية موسوعية.

شخصية موسوعية

وكانت له اكتشافات أثرية مهمة، بالإضافة إلى إسهاماته في التأليف والترجمة وأصبح واحدا من أهم علماء المصريات ليس في مصر فقط ولكن في العالم أجمع وهو رمز كبير وأستاذ عظيم و فخر لنا جميعا”.

وأشار إلى تأثره الكبير بشخصية الدكتور سليم حسن في صغره حيث قرأ كتابه عن الأدب المصري القديم، كما قرأ موسوعته العظيمة “موسوعة مصر القديمة” وقال إنه أثر على تكوينه وأفكاره، إنه يعتز به كثيرا لأنه أيضا من محافظة الدقهلية فالدكتور سليم حسن ولد في قرية ميت ناجي التابعة لمركز ميت غمر، مضيفا” أتمنى أن أسير على درب هذا العالم الجليل، وأكون امتدادا له أنا وزملائي، فهو فخر لنا جميعا ومن أعظم علماء الآثار”.

وحول الاهتمام بعلم المصريات، قال “نحن في حاجة شديدة جدا للاهتمام بعلم المصريات أكثر والتزود بالمعرفة التاريخية لكي نطلع على جذورنا، لأن مصر هي التي علمت العالم وهي أصل الحضارة، وعلى أبنائنا وشبابنا وكل الأجيال أن تعي هذا، وعلينا أن نعلم اللغة المصرية القديمة في المدارس ونبسط التاريخ، مشيرا إلى “سلسلة تراث الإنسانية للنشء والشباب” التي تقدمها مكتبة الإسكندرية.

وأضاف”أرجو أن نقوم بهذا الأمر في علم المصريات وأن نبسط العلوم، ويتم تقديم أعمال روائية عن مصر القديمة”، مشيرا إلى أن لديه العديد من الروايات في هذا المجال مثل “البحث عن خنوم”، “فرس النهر الأحمر العجوز”، “ميريت”، منوها بضرورة الاهتمام بحضارة مصر القديمة من خلال الأفلام التسجيلية والمسلسلات والكتب والألعاب لكي نرسخ جذور الحضارة المصرية في نفوس الشباب والجيل الحالي وننهض بمصر.

شارك المنشور مع اصدقائك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *