دلالات استئناف المفاوضات العسكرية بين واشنطن وبكين

المرصد العربي – خاص

تمثل خطوة استئناف المحادثات العسكرية الأمريكية الصينية خطوة إيجابية في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، وإن كان هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به لضمان وجود خطوط اتصالات مفتوحة وموثوقة ومستقرة بين القادة العسكريين الأمريكيين والصينيين، من أجل منع وقوع أي تصعيد في العلاقات بين البلدين.

وتفيد تقارير أنه من المهم أن تستمر الولايات المتحدة والصين في الحوار البناء بشأن الملفات الخلافية، بما في ذلك تايوان وبحر الصين الجنوبي، كما ينبغي على البلدين العمل على تعزيز الثقة والتعاون بينهما، من خلال تعزيز تبادل المعلومات وتدريب القوات.

محادثات مهمة

كانت المحادثات العسكرية الأمريكية الصينية، قد تم إحيائها يوم 21 ديسمبر 2023، حينما أجريت محادثة عبر تقنيات الفيديو بين كل من رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الجوية الأمريكية الجنرال سي كيو براون، ونظيره الصيني الجنرال ليو تشنلي.

 وأسفرت هذه المحادثات الهامة، بحسب خبراء، عن فتح قنوات اتصال بين القادة العسكريين الأمريكيين والصينيين، مما يسهم في تعزيز التنسيق والتعاون بينهما، مع التفاؤل الحذر بشأن إمكانية تحقيق تقدم في العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة والصين، لكن مع استمرار حالة التوتر في بعض الملفات الخلافية، ما يوحي إلى إمكانية الانتقال إلى مستوى أعلى في المحادثات، من خلال عقد اجتماع بين وزيري الدفاع الأمريكي والصيني، وذلك رغم أن الخلاف ما زال مستمرًا حول تايوان، إذ أعربت الصين عن استيائها من قانون تفويض الدفاع الوطني الأمريكي للسنة المالية 2024، والذي يتضمن مساعدات عسكرية أكبر لتايوان.

في هذا السياق أكد محمود الأفندي، الباحث المختص في العلاقات الدولية، أن خطوة استئناف المحادثات العسكرية الصينية الأمريكية تمثل نقطة تحول إيجابية في مسار العلاقات الثنائية، وثمة حالة من التفاؤل الحذر بشأن ذلك الإنجاز المتحقق على الصعيد الدبلوماسي العسكري، رغم أن هذه المحادثات لم تتم المحادثات على المستوى الوزاري بعد، ولم يخرج عنها مكتسبات بشأن الملفات الخلافية التي ما تزال قائمة وعرضة للتفاقم في أي وقت على نحو قد يُخرج تلك المحادثات عن مسارها ويقوضها لو وصلت المخاطر إلى مستوى غير مسبوق في ملف تايوان والفلبين وغيرها من النقاط المتأججة في بحر الصين الشرقي والجنوبي.

في حين أشار إلى ضرورة العمل الدؤوب لضمان وجود خطوط اتصالات مفتوحة ومُوثوقة ومُستدامة بين القادة العسكريين الأمريكيين والصينيين لتجنب الوصول لحافة الهاوية.

وأضاف محمود الأفندي في حديث خاص لـ”المرصد العربي”: تعود حالة الترقب بسبب التوترات العسكرية الراهنة، خاصة في منطقة محيط تايوان وبحر الصين الجنوبي، كما رصد في نهاية شهر ديسمبر 2023 دخول حاملة طائرات أمريكية بحر الصين الجنوبي في وقت تتفاقم فيه التوترات بين الصين والفلبين بشأن الجزر الصينية والشعاب المرجانية في المنطقة، وفسرت تلك الخطوة من قبل الصين بأنها بمثابة رسالة أمريكية خاطئة إلى الفلبين، واتصالاً، تتفاقم المخاوف الصينية بشأن تنامي العلاقات الأمريكية الفلبينية، والذي من شأنه أن يوطد قدم الولايات المتحدة ببحر الصين الجنوبي وعلى مقربة من تايوان.

غضب صيني

وأشار الأفندي في حديثه للمرصد العربي، إلى أن الصين كانت قد قطعت في وقت سابق المباحثات العسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية، ردا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة نانسي بيلوسي لتايوان في أغسطس 2022، فقد أثارت تلك الزيارة غضب بكين التي قررت تقليص قنوات الاتصال مع واشنطن في العديد من المجالات، وفي مقدمتها المجال العسكري، بل استعرضت الصين قوتها العسكرية حينها كي تؤكد سيادتها على تايوان، واستمرت القطيعة بين المسؤولين العسكريين بالبلدين منذ ذلك الحين، فعلى سبيل المثال، تخلف وزير الدفاع الصيني عن لقاء نظيره الأمريكي على هامش منتدى شانغريلا الأمني في يونيو 2023.

توتر بحر الصين الجنوبي

في سياق متصل، يرى محمود رأفت الباحث بمركز الخليج للدراسات، أن المناكفات العسكرية في بحر الصين الجنوبي، حيث أعرب القادة العسكريون الأمريكيون عن مخاوفهم المتكررة بشأن انسداد قنوات الاتصالات مع نظرائهم الصينين، خاصة في ظل تزايد وتيرة تبادل استهداف السفن والطائرات في منطقة بحر الصين الجنوبي وما يحيطها.

وأضاف محمود رأفت في حديث لـ”المرصد العربي”، أن محاولات تسيس الأزمة بين القوتين الكبيرتين قد بدأت خلال قمة “أبيك” في سان فرانسيسكو في نوفمبر 2023، حينما التقى رئيسًا البلدين وتم حينها تدشين مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين عبر استعادة العلاقات المُباشرة وقنوات الاتصال المفتوحة بمختلف المجالات ومنها المجال العسكري، كما تعهد الجانبان بالتعاون بموجب الاتفاقية التشاورية العسكرية البحرية، والتي تم استخدامها حتى عام 2020 لتحسين سلامة الملاحة في الجو والبحر.

شارك المنشور مع اصدقائك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *