أمريكا تعلن نفاد الدعم المخصص لأوكرانيا.. هل وصلت الحرب ضد روسيا لمحطتها الأخيرة؟

المرصد العربي – خاص

تجتمع عوامل شتى لتشكل صخور كبيرة تسد طريق عودة أوكرانيا إلى مسرح الانتصارات في حربها ضد روسيا التي اندلعت منذ قرابة 22 شهرًا من القتال؛ فالجيش الروسي عرف طريق الانتصارات القوية منذ أكثر من عام، وضم نحو 20 بالمئة من أراضي الأوكران، كما فشل الهجوم المضاد الذي خاضته أوكرانيا بدايةً من يونيو 2023..

لم تسفر المساندة الغربية بقيادة أمريكا مردودًا قويًا على أرض المعركة رغم الإمدادات الهائلة، ولأن المصائب لا تأتي فرادى فقد تراخت أيادِ الغرب – بقيادة الولايات المتحدة– عن مواصلة الدعم السخي منذ 7 أكتوبر الماضي (بداية حرب غزة)، آخر أزمات أوكرانيا والتي قد تصل بحربها ضد روسيا إلى محطتها الأخيرة والوقوع تحت رحمة شروط التفاوض الروسية، كان إعلان واشنطن نفاد الدعم المخصص لـ كييف..

وصرح رئيس مكتب الرئيس الأوكراني أندريه يرماك، متحدثًا في معهد السلام في واشنطن (USIP): بأنه إذا تم تأجيل المساعدة التي تتم مناقشتها في الكونجرس فسيكون هناك خطر كبير في أن نبقى في نفس المواقع التي نحن عليها الآن، وسيصبح من المستحيل علينا القيام بأي هجوم، وسيزداد احتمال خسارة هذه الحرب.

وأشار يرماك، أيضًا إلى أن القوات الأوكرانية مضطرة لاتخاذ موقف دفاعي: (أولًا وقبل كل شيء، إنه الدفاع. وبعض العمليات الهجومية في مناطق معينة. إن حجم القوات التي حشدتها روسيا يخلق صعوبات بالنسبة لنا).

تحدث باحثان أحدهما روسي، لموقع “المرصد العربي”، عن مغبة نفاد الدعم الأمريكي وسط الحديث عن وصول المعركة بين روسيا وأوكرانيا إلى المحطة الأخيرة في ظل دعم غير مثمر واستمرار التفوق الروسي الذي ضم نحو خمس أراضي أوكرانيا لسيطرته دون تأثر بعقوبات أو حصار اقتصادي لدول حلف شمال الأطلسي (الناتو)..

نفاذ الدعم

يقول الباحث الروسي مدير مركز “جي إس أم” ومقره موسكو، آصف ملحم، إن الولايات المتحدة منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، تتصدر حجم المساعدات المقدمة لـ كييف، فوفقًا لحسابات معهد كيل للاقتصاد العالمي في ألمانيا، بلغ مجمل المساعدات الأمريكية منذ 24 فبراير 2022 أكثر من 113 مليار دولار، ومع تعاظم مشاكل اقتصادية وأزمتي الوقود والتضخم، وأخرى داخلية كمعضلة حرب غزة والضغوط والانقسامات الداخلية من دعم مطلق لإسرائيل أصبح دعم أوكرانيا عبئًا فوق الأعباء على رأس إدارة الرئيس جو بايدن.

واستعرض أصف ملحم في تصريحات خاصة لـ”المرصد العربي” خطوات متتالية تشير إلى أن نفاد الدعم الأمريكي سيشكل عقبة ًكبيرة في سبيل أوكرانيا ومواصلتها الحرب وقد يصل بها إلى منعطف النهاية والإذعان إلى الشروط الروسية:

– في أكتوبر الماضي، طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن، من الكونجرس الموافقة على حزمة تمويل إضافية بقيمة 106 مليار دولار، منها أكثر من 61 مليار دولار مخصصة لأوكرانيا والباقي لمساعدة إسرائيل وتايوان وأمن الحدود، فيما قدم الجمهوريون في وقت لاحق اقتراحًا منفصلًا للميزانية يوفر أموالًا لإسرائيل، دون ذكر أوكرانيا، لكن الديمقراطيين اعترضوا عليه.

– بعد ذلك، اقترح رئيس مجلس النواب المنتخب حديثًا مايك جونسون، مشروع قانون لتمويل الحكومة على مرحلتين دون مساعدة أوكرانيا وإسرائيل، وأيد مجلس النواب المبادرة، ووقع بايدن، قانون الموازنة المؤقتة في 17 نوفمبر.

– في 15 نوفمبر، قال منسق الاتصالات الاستراتيجية لمجلس الأمن القومي، جون كيربي، إنه في سياق حزم الإغاثة الجديدة؛ فإن البيت الأبيض مجبر بالفعل على اتخاذ (قرارات صعبة) مع نفاد الاعتمادات المتفق عليها، وفي 5 ديسمبر، أفاد بأن واشنطن أنفقت 97 بالمئة من الأموال المخصصة لدعم كييف منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية.

– كتبت مجلة الإيكونوميست في نهاية نوفمبر، عن مخاوف بعض أعضاء الكونجرس من أنه إذا لم يتم الاتفاق على أموال مخصصة لـ كييف قبل عيد الميلاد، فقد يتم تأجيل إصدارها إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، وفي الوقت نفسه، إذا تم انتخاب دونالد ترامب رئيسًا، فقد يتوقف الدعم لأوكرانيا تمامًا.

– الرئيس الأوكراني، نفسه في وقت سابق أشار إلى أن تركيز الدول الغربية قد تحول إلى منطقة الشرق الأوسط، ودون دعمهم، ستبدأ القوات المسلحة الأوكرانية في التراجع.

وتوقع آصف ملحم في حديثه لـ”المرصد العربي” أن هناك نقاط اتفاق قد تلوح في الأفق بين روسيا والغرب..

– أوروبا لا يبدو أنها مستعدة للدخول في عداء دائم مع روسيا، كما أن اقتصاداتها منهكة، لذلك ففي 2024 سنكون أمام خيارين استراتيجيين كبيرين للولايات المتحدة، أحلاهما مر:

– تراجع استراتيجي كامل في أوروبا، وما سينجم عن ذلك من تغيرات جيو سياسية واسعة.

– تصعيد كبير قد يقود العالم كله إلى حروب واسعة مدمرة في الشرق الأوسط وأوروبا.

– بغض النظر عن المسارات اللاحقة، فإعادة تشكيل العالم على أسس جديدة برعاية القوى العظمى أصبحت أكثر قربًا.

استمرار الحرب.. والرهان الخاسر

يرى الباحث في العلاقات الدولية‏ لدى ‏معهد البحوث والدراسات العربية، يسري عبيد، أن كل التصريحات التي تخرج من الإدارة الأمريكية وحلف (الناتو) تقول إن الدعم الغربي لأوكرانيا بدأ في طريقه إلى النفاد وأن هناك أخبار سيئة تأتي من أوكرانيا، لا سيما بعد سيطرة الجيش الروسي على مدة رئيسية مؤخرًا مثل أفدييفكا الاستراتيجية، واستغلت موسكو جيدًا انشغال الولايات المتحدة وباقي دول الغرب ومنها بريطانيا بحرب غزة، وتخصيص معظم الدعم إلى إسرائيل.

وقال يسري عبيد، في تصريحات خاصة لـ”المرصد العربي”، إن الغرب بقيادة أميركا كان يراهن على استنزاف قدرات روسيا العسكرية في حرب أوكرانيا، وكان الطرف الروسي يراهن “استراتيجيًا” هو الآخر على استنزاف مضاد للقدرات الناتوية في منظومة الدعم السخي لأوكرانيا، شاءت الأقدار أن تخدم حرب إسرائيل في غزة سير المعارك في أوكرانيا ويصبح الجيش الروسي “سيد قراره” دون منغصات غربية ممثلة في الإمدادات.

واستعرض يسري عبيد، نقاط تشير إلى ذهاب حرب أوكرانيا إلى خط النهاية مستندًا إلى عدد من المعطيات..

– فشل الهجوم الأوكراني المضاد طوال 6 أشهر من الحرب والإمدادات الغربية المتصلة دون استرجاع الأراضي التي ضمتها روسيا لسيطرتها.

– يقين الدوائر السياسية الغربية بعدم قدرة أوكرانيا عسكريًا على الدخول في حرب مباشرة طويلة الأمد ضد روسيا وكسبها.

– كان الواضح منذ بداية المعركة أن الدعم الغربي لأوكرانيا لا يمكن أن يكون لا نهائيًا، وأننا في لحظة ما سنصل إلى هذه الحالة، وأن العمليات العسكرية الكبرى ستتراجع.

– أوامر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بزيادة عدد القوات العسكرية بنحو 170 ألفًا ما يضاهي نسبة 15 بالمئة، مما يصل بعدد قوات الجيش الروسي إلى نحو مليون و320 ألف عنصر ما يشكل ثقلًا عسكريًا كبيرًا لا تستطيع أوكرانيا مع النقص العددي في المقاتلين المدربين لديها بفعل خسائرها البشرية القتالية دوال عامي الحرب.

– ضغوط واسعة في أوساط أوروبية و(الناتو) على أوكرانيا وإدارة فلوديمير زيلينسكي للقبول بمفاوضات مع روسيا.

شارك المنشور مع اصدقائك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *