رحلة التغلغل وتغيير الاستراتيجيات.. مكاسب داعش من الانقلابات العسكرية في دول الساحل الإفريقي

المرصد العربي – خاص

شهدت منطقة الساحل الإفريقي، الممتدة من المحيط الأطلسي إلى السودان وإريتريا، في السنوات الأخيرة، تصاعدًا كبيرًا في نشاط الجماعات الإرهابية، لا سيما، تنظيم داعش في الصحراء الكبرى، مستغلةً عدم الاستقرار وتدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة، الناتج عن الانقلابات العسكرية التي شهدتها المنطقة ما تسبب في نزوح الملايين من السكان، وتهديد الاستقرار الإقليمي.

عوامل صعود عمليات داعش الإرهابية

ويمكن إرجاع صعود داعش في الساحل إلى مجموعة من العوامل، من بينها، الفراغ الأمني الناجم عن تقليص الوجود العسكري الغربي، بعدما أدى خروج الجنود الفرنسيين وإغلاق مهمة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي إلى خلق فراغ أمني مكن الجماعات الإرهابية من التوسع وتعزيز نفوذها.

فضلًا عن التحول الاستراتيجي لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، بعد الخسائر التي لحقت بها في ساحة المعركة أمام تنظيم داعش في منطقة الساحل الإفريقي، والتي أعادت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين توجيه مواردها بعيدًا عن المناطق المتنازع عليها، وتنازلت فعليًا عن مساحات شاسعة من الأراضي بالقرب من الحدود بين مالي والنيجر لمنافسها.

بحسب تقارير، تمكن تنظيم داعش الإرهابي من تطوير التكتيكات، بعد أن اكتسب في سنواته الأولى، سمعة سيئة بسبب تعامله العنيف وبطريقة عشوائية مع السكان، ومع ذلك، تشير التطورات الأخيرة إلى حدوث تحول في النهج، مع التركيز بشكل أكبر على الحكم في البلدات والقرى الخاضعة لسيطرته.

في حين تتضمن الاستراتيجية المتطورة لتنظيم داعش في منطقة الساحل نهجًا أكثر تنظيمًا للتلقين والتجنيد والحكم.

وتوسعت بالفعل الهياكل الداخلية للتنظيم، مع تزايد عدد المدارس المخصصة لتدريب الجيل القادم من المقاتلين.

كما ينتشر الإرهاب في منطقة الساحل بشكل غير متساوٍ، إذ يسيطر تنظيم داعش في الساحل على مساحات شاسعة من الأراضي في شمال مالي وجنوب غرب بوركينا فاسو، مستغلًا حالة من عدم الاستقرار والفراغ الأمن الناتج عن الفوضى التي تخلفها الانقلابات العسكرية.

كما حقق تنظيم داعش الإرهابي في الساحل الإفريقي مجموعة من المكاسب المهمة في السنوات الأخيرة، منها:
التوسع الإقليمي

تمكن تنظيم داعش من السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي في شمال مالي وجنوب غرب بوركينا فاسو، مما جعله أكبر قوة إرهابية في المنطقة.

كما تمكن التنظيم الإرهابي من تطوير قدراته العسكرية، مما سمح له بشن هجمات أكثر فاعلية ضد القوات الحكومية والسكان المحليين.

بالإضافة إلى زيادة موارده المالية، إذ تمكن التنظيم من جمع أموال طائلة من خلال فرض الإتاوات على السكان المحليين، وتجارة المخدرات، وعمليات الخطف.

تحديات في طريق الدواعش

ورغم المكاسب التي حققها تنظيم داعش، إلا أنه يواجه مجموعة من التحديات، أبرزها الضغوط العسكرية المتزايدة التي تواجه التنظيم من القوات الحكومية والإقليمية والدولية، بالإضافة إلى الصراعات الداخلية بين مختلف الفصائل داخله، مما يضعف قدرته على الاستمرار.

فضلًا عن العوامل الاجتماعية والاقتصادية، التي تواجه المنطقة التي ينشط فيها التنظيم مثل الفقر والتهميش، والتي يمكن أن تساهم في استمرار الصراعات وانتشار التطرف.

في الوقت الراهن من الصعب التكهن بمستقبل تنظيم داعش في الساحل، إلا أنه من المرجح أن يستمر التنظيم في كونه تهديداً خطيراً للأمن الإقليمي.

وتؤكد تقارير، أن صعود داعش في الساحل الإفريقي، يشكل تهديدًا خطيرًا للأمن الإقليمي، كما يعد أحد التداعيات المحتملة في توسع الجماعات الإرهابية إلى بلدان أخرى في المنطقة، مثل النيجر وساحل العاج. 

في حين يمكن أن يؤدي ذلك إلى تصاعد العنف والصراعات في المنطقة، مما يؤثر سلبًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وأصبح المجتمع الدولي أمامه تحدي كبير في مواجهة صعود داعش في الساحل الإفريقي، ما يتطلب جهودًا متضافرةً على المستويين الإقليمي والقاري لإنجاز هذه المهمة، وتتمثل في تعزيز التعاون الأمني بين دول المنطقة من أجل تنسيق جهودها ضد الجماعات الإرهابية. 

كما يجب معالجة الأسباب الجذرية للإرهاب، مثل الفقر والتهميش والصراعات العرقية، من أجل منع انتشاره.
بالإضافة إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة من أجل توفير فرص بديلة للسكان المحليين ومنع انجرافهم إلى التطرف.

شارك المنشور مع اصدقائك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *