الانتخابات والحرب.. بوتين وزيلينسكي أمام اختبارات جديدة في 2024

المرصد العربي – خاص

يمثل إعلان الرئيس الروسي فلوديمير بوتين، نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في مارس 2024، فرصة قوية تتيح له الاستمرار على رأس السلطة في بلاده حتى مارس 2030، بينما يواجه خصمه ونظيره الأوكراني، فلوديمير زيلينسكي، غموضًا بشأن مستقبله السياسي، بعدما خسر بشكل شبه مؤكد حرب بلاده ومعركته الشخصية ضد الجيش الروسي مع فشل مراحل الهجوم المضاد وخسارة دعم الغرب وفرض الأحكام العرفية دون ميعاد لإقامة الانتخابات الرئاسية..

الاستقرار السياسي الذي تعيشه روسيا يقابله تخبط ومصير مظلم في أروقة السياسة الأوكرانية في ظل خلافات في رأس السلطة بين زيلينسكي والدائرة المحيطة منه لانفراده بالقرارات المصيرية، فضلًا عن خلافاته مع الجنرال فاليري زالوجني رئيس الأركان على الصعيد العسكري بشأن خطط المعارك وجدوى استمرار الحرب، وهو ما يقود كييف لمرحلة غموض في 2024، بحسب تقارير.

وفي ظل تطبيق الأحكام العرفية في أوكرانيا التي خسرت أربع أقاليم كبيرة (لوجانسك، دونيتسك، زاباروجيا، وخيرسون) تمثل قرابة 20 بالمئة من مساحة البلاد، أعلن الرئيس فولوديمير زيلينسكي، في نوفمبر الماضي، أن الظروف ليست ملائمة لإجراء الانتخابات المقررة لها العام المقبل، وهو ما تسبب في غضب شبه معلن بدوائر سياسية غربية من بينها الولايات المتحدة وبات مصيره على المحك مع نزيف الدعم..

وأعلن جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، أن الغرب يدرس سيناريو وقف إطلاق النار بين موسكو وكييف واستبدال زيلينسكي بشخص آخر.

كما أفاد المكتب الصحفي لجهاز الاستخبارات الخارجية الروسي، في وقت سابق، أنه يتم النظر في بروكسل في قائمة المرشحين المحتملين لخلافة فلاديمير زيلينسكي من بين المسؤولين الأوكرانيين، وعلى رأسهم قائد القوات الأوكرانية فاليري زالوجني.

ويرى محللون، أن الغرب يرغب في سيناريو ينص على وقف إطلاق النار بين موسكو وكييف في الوقت الراهن بعد ما فقدت القوات المسلحة الأوكرانية إمكاناتها الهجومية تمامًا، كما يدرس كبار المسؤولين في الدول الغربية، الخلفاء المحتملين لزيلينسكي كرئيس للدولة، وبالتالي هذا أحد التوقعات لمستقبل زيلينسكي في 2024.

تحد باحثان لـ”المرصد العربي” عن العوامل التي ترجح كفة الرئيس الروسي فلوديمير بوتين الذي أعلن ترشحه رئيسًا لروسيا في 2024 لفترة رئاسية جديدة تمتد إلى 2030، فضلًا عن مستقبل زيلينسكي في العام المقبل الذي يوصف بأنه عام الانتخاب والحرب في موسكو وكييف..

بوتين.. الأوفر حظًا

يرى الباحث في العلاقات الدولية‏ لدى ‏معهد البحوث والدراسات العربية، يسري عبيد، أن الرئيس فلوديمير بوتين، يعد هو المرشح الأوحد في روسيا، وإن  كان هناك مرشحين آخرين، هو الأوفر حظًا في الفوز بالانتخابات الرئاسية الروسية، في ظل الشعبية الجارفة التي يتمتع بها في الأوساط الشعبية المختلفة في بلاده، فضلًا عن كون بوتين أمضى سنوات طويلة سيدًا لـ الكرملين، في حين أن الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، بات في أضعف مواقفه السياسية، لا سيما أن الحرب ضد روسيا أنهكت اقتصاد بلاده ومنعت البلد الزراعي والاقتصادي من مواصلة خططه التنموية وأصبح الجيش الأوكراني “مهلهلًا” لا يستطيع الصمود أمام أي قوة عسكرية بعدما استنزفته ضربات روسيا.

وقال يسري عبيد، في تصريحات خاصة لموقع “المرصد العربي”، إن بوتين نجح في إعادة بناء الجيش الروسي واستعادت بلاده نفوذها ومكانتها الدولية كأحد الأقطاب العالمية، وفي حقبته للحكم تمكن من تدشين مجموعة بريكس بمشاركة الصين واستطاع أيضًا أن يخرج ببلاده من حقبة السوفييت والتفكك الاقتصادي والقوقعة التي عانت منها روسيا الاتحادية وريثة الاتحاد السوفييتي الشرعية عقب 1990 وعهد ميخائيل جورباتشوف.

واستعرض يسري عبيد، العديد من العوامل والأسباب التي تؤكد قوة فلوديمير بوتين في 2024 باعتباره الطرف المنتصر دون إعلان رسمي..

– كل المؤشرات تقود إلى أن الرئيس بوتين سيستمر على رأس القيادة الروسية حتى مارس عام 2030 باعتباره “الخيار الأوحد”.

– أثبت الرئيس بوتين ندية بلاده عسكريًا واقتصاديًا للقوى الغربية بقيادة أمريكا التي لم تستطع إسقاطه في مستنقع حرب أوكرانيا طوال نحو عامين.

– نجح الرئيس الروسي في توسيع دائرة نفوذ ومصالح روسيا سياسيًا واقتصاديًا في الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا، كما نجح في بناء أحلاف اقتصادية وتقاربات سياسية متعددة لإعادة المجد القديم.

– الداخل الروسي يدرك أن يوتين بمثابة المنقذ للبلاد في ظل تربص غربي وأمريكي وحصار للاقتصاد لإسقاطه وإمدادات غربية مضادة للجيش الروسي.

– أفشل بوتين كل الخطط العسكرية والاقتصادية لمحاصرة الجيش الروسي والاقتصاد وصمدت موسكو أمام سلاح العقوبات الغربية حتى الآن. 

زيلينسكي.. ومسلسلات السقوط

يقول الباحث التركي في الشأن الدولي، فراس رضوان أوغلو، إن الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، تلقى العديد من الضربات العسكرية والسياسية في الأشهر الأخيرة، “عتمت” الصورة بشكل كبير أمام استيضاح المرحلة المقبلة له ولبلاده على الصعيد السياسي والعسكري، فقد خسر معركته العسكرية وصار الأمر شبه منتهيًا على صعيد المواجهات، وما تقوم به أوكرانيا حاليًا على الخطوط الأمامية للقتال له هدفان إما لاستجداء بعض الدعم الغربي من أمريكا وإدارة الرئيس جو بايدن، أو منع روسيا من التقدم أكثر حتى حلول الشتاء ويصبح التقدم الميداني معطلًا بسبب الجليد والطقس السيئ الذي يعيق الحركة برًا للمعدات والآليات ما يمنع سقوط المزيد من الأراضي الأوكرانية بقبضة الروس.

وأضاف فراس رضوان أوغلو، في تصريحات خاصة لـ”المرصد العربي”، أن زيلينسكي هو أضعف رجالات الحكم في العالم حاليًا، بعدما تعرض لحلقات من الخسارة مؤخرًا، آخرها خسارة الدعم الغربي والأمريكي وإن كان هناك بارقة أمل من الحصول على وعود بدفقة مساعدات من زيارته الأخيرة لواشنطن ولقائه بايدن، كما لا ننسى تفشي الفساد المالي والإداري وسرقة مخصصات الدعم الغربي العسكري وهو ما فتح جبهات النار على زيلينسكي ووصفه الغربيين بالرجل الضعيف وطرح الحدي في وسائل الإعلام الغربية والنخب السياسية عن ضرورة استبداله بآخر.

وفند أوغلو توقعاته لمستقبل زيلينسكي في 2024 بناء على عدد من المعطيات والأحداث..

– تزايد فرص خروجه من دوائر السلطة وأن يصبح كبش فداء يتحمل وحده فاتورة الخسارة في أوكرانيا أمام روسيا ويكون “الخروج الآمن”.

– تصالح القوى الغربية مع روسيا وتأمين حدود حلف (الناتو) ضد أي تهديد عسكري قد يصبح على حساب القيادة الأوكرانية الحالية.

– تشبث زيلينسكي باستمرار الحرب ضد روسيا يزيد الغضب الغربي ضده وقد يكون هناك بديلًا، مع إلحاحه الدائم لطلب المساعدات والدعم دون كلل في وقت تشتد أزمات الغرب الطاقاوية والاقتصادية من بينها (التضخم والإنتاج والبطالة).

شارك المنشور مع اصدقائك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *